مفاجأة.. «ميرسك» تفضح السبب الحقيقي لحفر «تفريعة السيسي»

مفاجأة.. «ميرسك» تفضح السبب الحقيقي لحفر «تفريعة السيسي»
فى ظل حالة الغموض التى أحاطت بمشروع تفريعة الحفر على الناشف رغم عدم الجدوى الاقتصادية، كشفت مصادر بشركات عالمية عاملة في قناة السويس أن عبدالفتاح السيسي قام بحفر التفريعة الجديدة للقناة، بناء على ضغوط هذه الشركات المستفيد الأول وربما الوحيد من المشروع، رغم عدم جدواه بالنسبة للمصريين.

عمرو البيباني -المدير العام لوكالة ميرسك ايجيبت الملاحية- أكد في تصريحات لموقع أصوات مصرية يوم 5 أغسطس الماضي، أن التوسعات الجديدة في القناة جاءت متماشية مع مقترحات طرحتها الشركة على هيئة القناة، منذ أواخر عام 2013 لاختصار زمن العبور.

واعترف "كلاوس لورسن" العضو المنتدب لشركة ميرسك الدنماركية "كبرى شركات الملاحة العالمية" والتي تمتلك 55% من أسهم شركة "قناة السويس للحاويات" أن شركته وراء الضغوط التى مورست على سلطات الانقلاب لدفها لحفر التفريعة الجديدة والتي تسهم في زيادة دخل الشركة. يأتي هذا على الرغم من عدم جدوى المشروع بالنسبة للحكومة المصرية.

وبحسب الحوار الذي أجرته صحيفة "الشروق" مع "لورسن" والذي تم نشره في عدد السبت الماضي فإن إنشاء قناة السويس الجديدة، كانت من المشروعات التى دفعت فى اتجاهها ميرسك.

وكان عمرو البيبانى، قد أدلى بتصريحات للشروق الأسبوع الماضى قائلا: «مؤكد سيكون هناك عائد إضافى للشركة، فالوقت يعنى نقود، لكن لا أستطيع تقديره».

وبحسب البيبانى، فإن «ميرسك» وشركات عديدة طالبت هيئة قناة السويس بإنشاء هذا المشروع "التفريعة الجديدة للقناة"، وقال، «كان لنا دور كبير فى إقناع الحكومة المصرية فى ذلك كوننا من أكبر الشركات العاملة فى مصر». ويتضمن المشروع الجديد توسيع وتعميق تفريعات البحيرات الكبرى والبلاح بطول 37 كم، ما يسمح بعبور السفن حتى غاطس 66 قدما فى كل مناطق القناة».

ابتزاز ميرسك


وفي محاولة من الشركة لابتزاز سلطات الانقلاب «نقلت شركة قناة السويس للحاويات بعض أنشطتها من ميناء بورسعيد فى مصر إلى ميناء بيريوس فى اليونان هذا العام 2015، نتيجة لعدة أسباب، منها ارتفاع تكلفة الرسوم التى تدفعها الشركة إلى الحكومة المصرية، بحسب كلاوس لورسن، بنسبة تتراوح بين 3% و4% أو ما يوازى 25 ألف دولار، مقارنة بتكلفة الرسوم فى اليونان، ويقول لورسن إن هذه الرسوم لا تتعلق بعبور القناة، ولكن أنواعا أخرى من الرسوم يتم دفعها فى الميناء».

وكانت مفاوضات أخرى لشركة ميرسك، وعدد من الشركات الأخرى العاملة فى السوق المصرية قد نجحت فى دفع الحكومة لخفض رسوم عبور القناة، بحسب ما ذكره عمرو البيبانى، المدير العام لشركة «ميرسك مصر للشحن»، فى محاضرة ضمن عدة محاضرات نظمتها شركة ميرسك وقناة السويس للحاويات فى محافظات القاهرة والإسماعيلية وبورسعيد بمناسبة افتتاح التفريعة الجديدة للقناة نهاية الأسبوع الماضى.

أسباب أخرى دفعت قناة السويس لنقل بعض اعمالها إلى اليونان، يضيف لورسن، وهى عدم الاستقرار السياسى فى مصر منذ ثورة يناير عام 2011، والذى أثر سلبا على نشاطها فى مصر خاصة فيما يتعلق بعمليات الاتصالات وتبادل المعلومات، «كنا لا نستطيع توقع عدد السفن المارة بالقناة فى وقت من الأوقات».

ويضيف أن المسألة ترتبط أيضا بقدرة الميناء والقناة على استيعاب حاويات أكبر، «بمعنى إذا أردنا رصد أسباب نقل بعض أعمالنا لليونان يمكن أن نقول إن هناك أمورا ترتبط بالتكلفة وأخرى لها علاقة بالاستقرار السياسى، وأيضا السعة الإنتاجية»، لكنه لم يحدد حجم أعمال شركته التى تم نقلها إلى اليونان، «لا أتذكر حاليا نسبتها من إجمالي أعمالنا فى مصر».


عقد مجحف


حصلت ميرسك العملاقة التى تمتلك حصة أغلبية فى قناة السويس على عقد متميز للعمل فى مصر مجحف بالنسبة لمصر، يمنحها مميزات كبيرة، ويراها كثيرون مجحفة لمصر، لكن لورسن لا يعتقد ذلك، «أنا لست متأكدا أن ميرسك لديها عقد جيد جدا مع مصر، ثم ماذا يعنى عقد متميز؟».

يقول لورسن إن الحكومة المصرية استطاعت استرداد كل استثماراتها التى ضختها فى البنية التحتية، «وطالما حدث ذلك فهذا يعنى أنه كان اتفاق جيد بالنسبة لمصر». ويضيف عاملا آخر ليدلل على أن مصر استفادت من ميرسك، وهو أن الشركة استطاعت تحقيق تحسن ملحوظ فى الخدمات اللوجستية، «فى وقت الحكومة لم تكن تستطيع عمل ذلك»، وهو ما انعكس على صادراتها خاصة فى مجال المواد الغذائية.

ويرصد عاملا ثالثا يرى أنه مهم جدا، وهو أن ميرسك وفرت «الآلاف» من الوظائف للمصريين.

وحصلت ميرسك على حق انتفاع لمدة 49 سنة لمحطة حاويات، وهو يعتبر عقدا مجحفا لمصر، وفقا لبيان من الجبهة الشعبية لتنمية محور قناة السويس منذ عدة أشهر، وكانت تقارير صحفية قد أشارت إلى مطالبات من شركة ميرسك للحكومة المصرية بتنفيذ التزامات خاصة بالبنية التحتية، وتتمثل فى إقامة قناة جانبية فى شرق التفريعة، وأشارت تقارير أخرى، على لسان مسئولين حكوميين، إلى أن الحكومة المصرية تعتزم استخدام مسألة إقامة القناة الجانبية كورقة ضغط على ميرسك فى مفاوضات بدأت معها منذ عدة أشهر لتعديل شروط العقد.

ويرى لورسن أن شركته «اتسمت بالعبقرية» فى مصر، حيث خلقت هذا النشاط فى هذه المنطقة بأقل مخاطر ممكنة، ويقول «لكل هذه الأسباب فإن مساهمة شركته فى مصر ضخمة جدا جدا»، ويستطرد أن شركته تسعى لزيادة هذه المساهمة، وتدرس إضافة أنشطة جديدة مثل عمليات التوزيع.


انتقادات حادة


ولاقت هذه التصريحات انتقادات حادة من خبراء ومتخصصين حيث كتب الدكتور حازم حسني، الأستاذ بجامعة القاهرة، على تدوينة له:« الحوار الذى نشرته صحيفة "الشروق" ، وقامت به حياة حسين مندوبة الصحيفة مع السيد كلاوس لورسن رئيس شركة قناة السويس للحاويات، أعتقد أنه من أهم ما نشر اليوم، فهو يكشف ما كان معروفاً لكنه ظل غير معلن بكل هذا الوضوح "بحسب رأيه" وقال : رئيس الشركة، التي تمتلك شركة ميرسك الدنماركية 55% من أسهمها ولا تمتلك هيئة قناة السويس إلا 10% فقط من هذه الأسهم، يعلن بوضوح أن شركته هي التي وقفت وراء دفع مصر لحفر تفريعة القناة الجديدة، وأن هذا سيوفر للشركة وقتاً ومن ثم أموالاً ... للشركة لا لمصر التى تضغط الشركة عليها لتخفيض بعض الرسوم التى تحصل عليها "بحسب قوله".

وأردف: الشركة تقف أيضاً وراء مشروع التفريعة الأجدد شرق بورسعيد - وهى صارت تعرف إعلامياً بالقناة الثالثة - وقد بدأ العمل بها فعلاً فور الانتهاء من الاحتفال بافتتاح التفريعة الخميس الماضى ... هذه "القناة الثالثة" لن تستفيد منها إلا الشركة التي تحتكر العمل في هذه المنطقة ... الحكومة المصرية ترى في البدء في هذا المشروع الجديد - على نفقة دافع الضرائب المصرى - وسيلة لإقناع الشركة بمراجعة عقودها مع مصر "بحسب وصفه" .

وأنهى كلامه قائلاً: واضح من هذه التفاصيل المحزنة حقيقة المشاريع التي يهلل لها المهللون، وواضح الفرق بين عقل الشركة وعقل الحكومة ومؤسسة الرئاسة، والفرق الواضح في السرعات.. واضح أيضاً لماذا خرج علينا كبار المسؤولين بشركة ميرسك الدانماركية ببيانات مدح مشروع حفر التفريعة، وهى البيانات التي هلل لها الإعلام لإقناعنا بأننا لا نفهم شيئاً في اقتصاديات المشروع بدليل أن العالم المتقدم والمتخصص في النقل البحرى إنما يمتدحه ويثنى عليه "بحسب رأيه".

وتأسست شركة قناة السويس فى عام 1999، وتقدم خدمات شحن وتخزين الحاويات بالإضافة إلى تشغيل ميناء شرق بورسعيد للحاويات، وتمتلك مجموعة ميرسك الدنماركية، أكبر شركة للنقل البحرى التجارى فى العالم، 55% من «قناة السويس لتداول الحاويات»، وتتوزع الحصة الباقية بين شركة «كوسكو باسيفيك» الصينية بنسبة 20% من الشركة، وتمتلك هيئة قناة السويس 10% من الشركة، بينما تبلغ حصة البنك الأهلى المصرى 5%، والنسبة المتبقية تمتلكها شركات خاصة.

وتتركز أنشطة شركة كوسكو باسفيك الصينية، التى تمتلك 20% من قناة السويس، فى اليونان، لذلك «وجدت قناة السويس للحاويات أن أثينا مكان مناسب لنقل بعض الأعمال إليها». كتب- عاشور المصري المصدر موقع وراء الاحداث